Sunday, January 24, 2010

الفنانة الكويتية إيما: انا كل هؤلاء

إيما
إيما تغني:امراة من اقصى المدينة

إيما في دور الشاعر والعجوز






تدير فرقة "أنثروبولوجي" وتمثّل مسرحيات العبث وتغنّي وتلحّن

الفنانة الكويتية إيما: أنا كل هؤلاء ولا أستطيع أن أكبح طاقاتي



قبل عام تقريبا، شاهدت عرضا مسرحيا كويتيا لافتا بعنوان "الشاعر والعجوز" ليوكيو ميشيما، من إخراج المسرحي عبد العزيز الحداد ، ولفتتني بقوة البطلة التي شاركته البطولة في دور العجوز، إذ لم يكن من السهل التعرف الى شخصيتها الحقيقية لأنها استخدمت الماكياج بما يظهرها في التاسعة والتسعين، منحنية الظهر طوال الوقت، وخصلات شعرها الأبيض الطويل تخفي ملامحها. أعجبت بأداء الممثلة التي ذُكر اسمها عابرا يومذاك، إيما، وبالطريقة التي كانت تتحدث بها، ونبرة صوتها وأغنياتها التي عكست أداءً جميلا.
قبل أسبوعين حضرت الملتقى الأسبوعي الثقافي "ملتقى الثلثاء" الذي يشرف عليه الكاتب الروائي إسماعيل فهد اسماعيل، والذي استضاف في ذلك اليوم ندوة بعنوان "الإدارة هي النتائج - تجربة في إدارة الفرق الفنية"، قدمت خلالها الفنانة إيما تجربتها الفنية عبر الفريق الفني الذي تتولى إدارته، "أنثروبولوجي"، بالإضافة إلى عدد من العروض الفنية للفريق من غناء إيما وتلحينها.
أدركت أولا أن هذه الفتاة الشابة هي نفسها الفنانة التي بهرتني بأدائها في مسرحية "الشاعر والعجوز"، واكتشفت تعدد موهبتها. فبالإضافة الى التمثيل المسرحي تنتمي إيما الى المسرح الجاد عبر تمثيل نصوص لرواد مسرح العبث، ثم هي مغنية، وملحنة موسيقية، وراقصة، وعازفة بيانو وغيتار، وهذا ما كشفت عنه عندما أدّت أغنية "امرأة من أقصى المدينة" بالاشتراك مع فريق "أنثروبولوجي"، واكتشفت لاحقا أن الأغنية تنتمي الى قصيدة النثر وإحدى قصائد الشاعر محمد النبهان.
وعلى الرغم من تجاوب الجمهور مع أغاني إيما إلاّ أنها واجهت انتقادات عنيفة على اختيارها لموضوع الندوة، وبعض ما تضمنه خطابها حول تجربة تكوينها لفريق "أنثروبولوجي" في مرحلته الأولى، وإصرارها على أنها اكتشفت أنها اساءت اختيار بعض الأفراد ممن أثبتوا عدم الالتزام، فكان قرارها في النهاية هو فصل غير الملتزمين، وكانت تكرر قرارها ذاك بجملة "إفصل إفصل إفصل"، مما دعا بعض الحضور الى استهجان الأسلوب ووصفه بالديكتاتورية.
بالنسبة اليَّ كنت أرى أن فنانة مثل إيما، بما تمتلك من موهبة، وطاقة مقاومة للمعوقات، وتعدد نشاطها هي ظاهرة تستحق التوقف في مجتمع كويتي يشهد اليوم العديد من مظاهر تعنت الإسلاميين الذين حاولوا منع دخول النائبات السافرات إلى قاعة النواب في مجلس الأمة، أو كما يشهد حرباً ضد قوى المجتمع المدني لإقرار قانون يمنع الاختلاط بين الجنسين في الجامعة، من دون التمكن من ذلك، إضافة إلى محاولة منع تدريس الموسيقى في المدارس، فضلاً عن التشدد الرقابي المبالغ فيه في معرض الكويت للكتاب
.
لذلك فكرت أن أجري معها هذا الحوار لأجل صورة أكثر قربا، حول الكيفية التي صقلت بها موهبتها المتنوعة، وغيره من أسئلة أثيرت خلال الندوة أو تم تجاوزها.
فاجأتني ايما بأنها قررت التفرغ للموسيقى والغناء والفن مذ قررت التوقف عن الدراسة. كان عمرها آنذاك لا يتجاوز 16 عاما، وقد واظبت على ممارسة الفنون بأنواعها، لمدة نحو 14 سنة: "هذا القرار لم يكن سهلا، وستندهش انني في الأساس كنت أحلم بدراسة الفيزياء وعلوم الفلك، لكن عدم وجود دراسة متخصصة جيدة في هذا الموضوع هنا في الكويت وصعوبة تمرسها جعلني أصرف النظر، وهو رأيي في الدراسة الاكاديمية للفنون والموسيقى. هكذا قررت ان أعلّم نفسي، واتثقف بنفسي. استمررت في القراءة لأينشتاين، وهو مثل أعلى ونموذج، بل هو أبي الروحي، وقرأت لهوبكنز وبول ديفيز، وعكفت على كتب الفيزياء التي تهتم بالظواهر الغريبة، وفي المسرح كنت قد قرأت المسرحيات اليونانية القديمة، وبعض مسرحيات العبث ليونسكو وبيكيت، إضافة الى مؤلفات متخصصة لستانيسلافسكي وتاركوفسكي ويوروبيدس وسواهم، ثم عكفت على القراءة عن الموسيقى والتدريب اليومي على عزف البيانو والغناء على مدى اليوم تقريبا، هكذا اصبحت أقيم تلك العلاقة بين العلوم والفنون، فكما يقول والدي الروحي اينشتاين كل العلوم تتفرع من شجرة واحدة".
لكني اعتقد أن الدراسة توفر نوعا من الاحتكاك بطرق ونظريات ومناهج قد لا تكونين على علم بها؟
- صحيح، لكني قررت ان أعوض ذلك بالسفر لمشاهدة مسرحيات عالمية، وأيضا عروض الأوبرا والاوركسترا لفنانين من العالم، كالفرنسيين والروس والاميركيين.
منذ عمر 16 عاما بدأت إيما الغناء في حفلات ذات طابع تجاري، تقام في الفنادق، وبعد عام قررت ممارسة فنون رفيعة وأعمال موسيقية جادة ومختلفة عن السائد. تعتبر أنها بدأت بالغناء الجاد وهي في الحادية والعشرين من عمرها. وفي المسرح بدأت عام 2002 حيث شاركت في "النيزك" للمسرحي دورنمات، وأدت فيه دور غانية وزوجة أديب حائز نوبل.
• كيف تحققت لك الخبرة في المسرح؟
- في المسرح، كما في الموسيقى، لم ارغب في ان يتم تلقيني أشياء اكاديمية في المعهد. أقصد أنني كنت على اقتناع بأن المناهج التلقينية المتاحة في معاهدنا لا تناسبني. دخلت خشبة المسرح بموهبتي وإحساسي، وفتحت مسام حواسي كلها، وبعد تجربتين اكتشفت أن السر هو الإحساس. لكي تصبح ممثلا جيدا فلا بد أن تصبح شفافا لكي تصير وما تتقمصه شيئا واحدا، ليس فقط الشخصية، بل حتى الجماد. في إمكانك أن تعبّر عن حجر لو شئت. لكن هذا السر لم يمنحني نفسه إلا بعدما قررت أن اتدرب بلا توقف لفترات طويلة، واعمل، واخوض التجارب المختلفة، وأعتقد ان هذا السر ليس هيّنا على الإطلاق، بل ربما هو المفتاح الذي لا يمتلكه مع الأسف الكثير من الممثلين الذين لا يصلون الى الجماهير، لأنهم يفتقرون الى الإحساس. وأظن أن كتّاب المسرح الكبار وخصوصا صمويل بيكيت وبريخت وسواهما قد اصبحوا كبارا بسبب هذا السر: التمثل العميق لروح الشخصيات واختراقها. وإذا نجحت فسوف يصدقك المتلقي ايا تكن ثقافته.
بهذه الخبرة خضت أداء مسرحية "الخرتيت" ليونسكو، وكيف أنه رأى في البشر من البلادة ما يجعلهم اشبه بالخراتيت، وهكذا تمثلت الدور، ونجحت في إيصال هذه البلادة
.
هل احتجت الى تدريب صوتك على المسرح؟ اي هل احتجت الى مهارات مختلفة عن مهارات صوتك كمغنية؟
- أعتقد أن الصوت، وامتلاك الطبقة المناسبة للشخصية يحتاج الى ذكاء خاص، ووعي وإدراك وثقافة وفهم حقيقي لخبرات الحياة. بالنسبة اليَّ كنت امتلك طبقات صوت مختلفة لإتقاني تقليد الأصوات. من جهة أخرى هناك هبة الطبيعة بامتلاكي طبقة صوت عالية مناسبة للغناء، وقد امكنني تطويعها للمسرح بشكل فطري نوعا ما، لا أستطيع تفسيره. اعتقد ان هناك وعيا داخليا يجعلني اختار هذه الطبقة أو تلك. وبإحساسي الداخلي اغني في مسرحية غناء رومنطيقيا، أو استخدم طبقة امرأة عجوز في التسعين من عمرها، كما فعلت في أدائي دور العجوز في "الشاعر والعجوز"، أو باستخدام طبقات مناسبة للدور كما فعلت في اعمال اخرى مثل "ما قبل شكسبير"، و"مناظرة بين الليل والنهار"، وغيرها. بالإضافة إلى اني أمتلك موهبة الحفظ بالحركة بسرعة كبيرة، وهو ما اكتشفه فيّ الأستاذ عبد العزيز الحداد، الذي شاركني بطولة مسرحية "الشاعر والعجوز" وكانت أيضا من إخراجه
.
من هم مرجعياتك في الموسيقى؟ بمعنى آخر من هم الموسيقيون المبهرون بالنسبة اليك؟
- تشايكوفسكي، موتزارت، دو بوسي، مندلسون، باخ، بيتهوفن، شومان، شوبان. في العصر الحديث أعتقد ان كل الابداعات الموسيقية المختلفة مجتمعة لم تصل الى تلك المرحلة من الوضوح في طريقة التعبير الموسيقية.
• ما هي الموسيقى التي تفضلينها على سواها: الكلاسيكية، ام الغربية، أم الشرقية؟
- جميع انواع الموسيقى المميزة التي تخترق المشاعر، أعتقد ان المسميات حاولت أن تضع حدودا للموسيقى لكنها ليست كذلك في الحقيقة. الموسيقى في النهاية عالم واحد بلا تصنيف
.
• كيف بدأت التلحين؟ ومن هو مثلك الأعلى كملحن؟
- بدأت التلحين وأنا طفلة مع أمي، قبل التحرير وبعد التحرير. كنا نلحن أغاني نغنيها معا عن الوطن وعن الناس، بدأتها مع تلك الراوية (أمي) في الفراش صحبة القصص الخرافية والاساطير وافلام الرعب والخيال. بدأتها في لغة اخرى (تقصد في لغة الحياة) وأنا أتكون. هذه هي المكونات الأساسية التي جعلتني امتلك موهبة التلحين لاحقا. أما عن مثلي الأعلى كملحن فأعتقد ان الطبيعة هي أهم ملهم وأفضل نموذج للملحن في نظري
.
فرقة "انثروبولوجي"، ماذا تقدم، وما هي طموحاتها؟
- نحن فرقة فنية شاملة تضم نحو 17 شخصا، بينهم خالد الشمري، منذر العيسى، اسامة الخرس، حمود الحمود، نهاد، فادي، فيشيا، وغيرهم، وهم ملحنون ومطربون، وبعضهم تقنيو صوت والبعض موزع موسيقي. بدأت الفكرة في عام 2006، وتعرضت لمشكلات ثم عاودت الظهور بعد تدارك الأخطاء، والافادة من التجربة في خبرة الإدارة، بأعضاء جدد، وبحسم في مفهوم الاختيار بحيث يكون عضو الفريق لديه الشغف والانضباط. نحن الآن نقوم بتسجيل اول ألبوماتنا الذي سيضم تجارب غنائية وموسيقية مختلفة بين مؤلفات موسيقية تماما وقصائد مغناة. أعتقد انه مغامرة. كما انتهينا من تصوير فيلم وثائقي درامي قصير بعنوان "فرقة انثروبولوجي والمنظور"، نتمنى أن ننتهي من المونتاج الخاص به قريب
ا.
سمعت أنك استخدمت اسماء مختلفة أديت بها أدوارا تمثيلية باعتبارها اسماءك الحقيقية، بل وكتبت بها في الصحف
.
- صحيح، استخدمت اسم بيسورفيا، وعزيزة، واوفيليا، بل وحصلت على شهادات تقدير في التمثيل بتلك الأسماء المختلفة. اعرف ان الاسم شيء غريب. أستيقظ احيانا وحين يناديني احد باسم إيما أشعر أن الاسم لا يرتبط بي.
• إذاً، كيف تعرّفين نفسك، هل انت موسيقية أم ملحنة ام مطربة أم مسرحية؟ ومن أنت؟
- انا كل هؤلاء قطعا، ولا استطيع أن أتوقع نفسي. البعض ينصحني بالتركيز على عمل واحد، كما أن بعض المتلقين يحبون الموسيقية أو المطربة أو الممثلة على حساب الأخريات، لكني اشعر بطاقتي وأستجيب لها، ولا استطيع أن اكبحها. بالنسبة الى الأسماء، طبعا اسمي الحقيقي هو إيما، لكن كما قلت لك مسبقا هل تعني الأسماء حقا أي شيء؟!
نشرت في صحيفة (النهار) اللبنانية في 2 كانون أول ديسمبر2009

إبراهيم فرغلي

2 comments:

Mist said...

لفت نظري جدًا مسألة الأسماء لدى هذه الفنانة..فلو أن الاسم جزء من هوية الشخص أو تعريفه،فكأنها وسّعت من ذاتها لتشمل ذواتًا أخرى..

كأن ذاتها تتمدد،أو تتلون..ذاتُ مائية -بالقطع فنانة-..مبدعة

مثال للنهم للحياة:)
-
أعجبني التزامها،وطريقة تعليمها لذاتها
-
وشكرًا على الحوار الجميل.

gardenia said...

iaهذه فنانة لا مبدأ لها,عرضت لها مقابلة على قناة العربية بعد أن غنت أغنية باللغ (العبرية) بأنها لا تهتم بقضية فلسطين ولها الحرية بأن تهتم بشؤونها فقط .غني كما تريدين يا تافهة ولكن لمن توجهين هذه الأغنية؟للعرب ؟؟؟!!!!!ولذلك غنيتي لهم (بالعبرية) يا عديمة الإحساس ,أنت غنيتي للاسرائيليين وفقط لهم.
ومن اسمك يبدو ان أمك يهودية أو أجنبية من بلد الحرية الزائفة وعديمة الأخلاق.