Monday, January 25, 2010

أن تكــــون كاتبـــــــــا



أن تكـــون كاتبـــــا

شهادة : إبراهيم فرغلي *

حين شرعتُ في كتابة "أبناء الجبلاوي" للمرة الأولى قبل نحو أربع سنوات، توقفت بعد فترة وجيزة عن كتابة النص لسبب قدري تمثل في غياب مخطوطة الكتاب فجأة في مرحلة كنت أنتقل فيها من منزل إلى آخر.
لا أعرف كيف تجاوزت هلعي، وغضبي، وقلة الحيلة، من فقداني مخطوط رواية كنت أرى فيها تجربةً روائية مختلفة على الرغم من أنها اتخذت شكلا مختلفا تماما، في وقت لاحق، عما كنت خططته لها في البداية.
شغلت نفسي بكتابة "جنية في قارورة"، التي جائتني كدفقة، وانتهيت منها في اربعة شهور، ودفعت بها للناشر، ودون أن أنتظر صدورها، كعادتي، شرعت على الفور في استدعاء الرواية الجديدة (أبناء الجبلاوي) من الذاكرة.
لكن يبدو أنني مررت خلال تلك الفترة بمرحلة انتقالية بين حالتين، فقد كتبت "جنية في قارورة" على جهاز "الكمبيوتر" لأول مرة، وأظنني بذلك كنت قد تحفزت، لاواعيا، لحماية كتابتي من مخاطر الضياع، خاصة وانني لا أمتلك مكانا للكتابة وحتى هذه اللحظة. كما أنني بدأت أعلم نفسي التحكم في أعصابي وكبح انفعالاتي، لأنني أدركت أنني أحتاج طاقتي كلها للتركيز في كتابة العمل الجديد.
كنت قرأت كثيرا خلال تلك الفترة عن الرواية وتطورها، في الغرب على نحو خاص، كما قرأت عددا من الأعمال التي جعلتني أشعر أننا في مصر ابتعدنا تماما عن مسار فكرة الرواية بالشكل الذي تطورت به مسيرتها في الغرب، وزاد الطين بلة أن ظهرت بعض التجارب التي جسدت الارتداد بالرواية مرة اخرى إلى عصر "الحدوتة"، والحكي، ولاقت جماهيرية جعلت البعض يتصورون ان مثل تلك الظواهر انتصار للخفة والبساطة.

وكنت على مدى السنوات الثلاث التي سبقت كتابة هذا النص أقرأ الكثير مما يصدر لجيلي والأجيال الأسبق والأحدث. وباستمرار، لاحظت العديد من المثالب التي تعتور النصوص، إما أنها قصيرة النفس، وتكاد تكون كتابة ذاتية لا تعبأ بان النص في النهاية موجه لقاريء ايا كان، أو أنها تتكيء على الحدوتة فقط، أو انها نصوص ذهنية تماما تفتقر للتخييل، أو انها نصوص مباشرة تبدو كخطابات سياسية تتخفى في السرد الروائي، وفجعتني بعض النصوص بسذاجة الحوارات فيها، وافتقدت في غالبيتها فكرة المتعة والتشويق، والأهم من هذا كله انها افتقدت معيار الدهشة والخيال. كانت هناك بالتأكيد نماذج جيدة من النصوص، لكنها دائما في رأيي كانت في أغلبها قماشات جيدة بددت في أعمال قصيرة من أبرز نماذجها كتابات حسين عبد العليم، فهو كاتب جميل لم يأخذ حقه البتة.
اظن أن هذه الأفكار كلها مع اعادة اكتشافي لساراماجو عبر نصين مهمين هما العمى وكل الاسماء، ثم قراءة إسمي احمر لأورهان باموق، بعد تكاسل، والنمساوية يلنك في نصها الفاتن عازفة البيانو، وبعض الكتاب الألمان مثل فريدون زايموجلو، وهو كاتب خاص جدا، ويوليا فرانك، وإنجو شولسه، جعلتني واعيا بما استهدفته في اثناء كتابة ابناء الجبلاوي. وبينها فكرة إعلاء طموح الكتابة لأفق إنسانية وفنية ومركبة عالية جدا، بقدر طاقتي طبعا.
****

فكرة انني بدأت الرواية يعني ضمنيا أنني عثرت على "الصوت" الخاص الذي يمكن به أن أعبر عن الشخصية (كبرياء)، وهذا الصوت هو وحده الذي لا يمكنني ان أشرع في كتابة العمل دون أن أصل إليه.
لا أقصد بالصوت هنا الشخصية وإنما "نبرة روح السرد" إذا جاز التعبير، ووقوعي على هذه النبرة هو ما يتيح لي أن أستمر في العمل.
أردت أن أجد نبرة مختلفة هذه المرة، ليست انفعالية كما نبرة السرد في "جنية.." ولا نبرة البوح الحزين المتخم بالحنين كما في رواية"ابتسامات القديسين"، وإنما نبرة قوية ساخرة يمكن أن تطوع طموحي لما أرغب فيه من مزج لضمير المتكلم بضمير الغائب. مع الوعي بان السخرية ليست مجرد هزل وإنما لعب بطريقة "سرفانتس"، عبر نبرة تحرص على البلاغة التي تتمسك بالرصانة والرشاقة معا، وبحيث تستوعب تحولات الشخصيات واختلافاتهم العمرية، بل وأن تستوعب أكثر من نبرة لشخصية واحدة مثل نجوى، التي منحتني فرصة التنقل بين أربع مستويات نفسية لشخصية واحدة، وأن تتمكن من التناص مع نص محفوظ بإتقان بحيث يصبح نص محفوظ ملتحم بنسيج السرد بلا اية شوائب أو نتوءات.
كنت أرغب في نبرة مثالية لأسلوبي في الكتابة الذي يعتمد على مقولة شهيرة ربما تكون لهنري جيمس وهي
Show, don’t tell.
ثم قرأت كتابا مهما لديفيد هارفي هو "حالة ما بعد الحداثة" وأدركت بعدها أن كل ما قرأته من نقد تقريبا لا علاقة له بالنقد، لأنه قدم لي مفهوما مختلفا عن فكرة النقد ليس بوصفه مجرد إعادة حكي لعمل أدبي، ولا بطريقة بعض النقاد اليوم الذين يقومون بليّ النصوص لكي تناسب القوالب النمطية التي يستخدمونها، أو حتى قراءته نقديا بالطريقة الصحفية أو سياسيا او اجتماعيا كما هو شأن الكثير مما نقرأ اليوم، بل هو عملية إبداعية وفكرية عميقة، وقراءة للنص، أو النصوص، في سياق كامل ترتبط فيه عوامل عدة: أهمها حركة رأس المال، وكيف تعمل هذه الحركة على تغيير نمط الإنتاج وبالتالي نمط الحياة، ثم كيف تخلق الرغبات لدى المستهلكين من الأفراد، وتأثير ذلك كله على قيم المجتمع عبر توجهات رأس المال (انظر اليوم ماذا تنشر بعض دور النشر الكبيرة) وكيف يستجيب النص الأدبي لهذه القيم وكيف يعي دور رأس المال في تغير القيم. مع احتفاظ كامل باسلوب لغوي خاص ومتعة رغم صعوبة الكتاب.
والحقيقة أن النقد بهذا المفهوم الراقي لم يتحقق الا في بعض الكتابات المحدودة مما نشرته الدكتورة ماري تريز عبد المسيح مثلا عن بعض نماذج جيل التسعينات عبر بحثها عن طبيعة الخطاب السردي في تلك النماذج في تعبيرها عن العلاقة مع السلطة، وفي نبرة الخطاب السردي ومدى إنسانيته أي تخلصه من الحس الذكوري أو الأنثوي الذي يسم النص العربي عبر تاريخه إجمالا.
في "أبناء الجبلاوي" كنت قد بدأت الكتابة، بلا تخطيط مسبق. كنت فقط أريد أن أكتب قصة خطاط لقيط، يكتب مذكرات رجل غريب الأطوار، يكتشف لاحقا أنه جده لأبيه، حتى برقت فكرة اختفاء كتب نجيب محفوظ في ذهني فجأة بينما أشاهد برنامج تليفزيوني، لم أعد أذكره الآن. وبدأت في تحويل مسار الرواية. كانت الفكرة جذابة، وبها الكثير من عناصر التشويق، لكنني كنت أخشى الوقوع في إغواء المباشرة، ولهذا حاولت أن أضفي جانبا أسطوريا، وفي نفس الوقت يعطي للنص صفة الواقعية السحرية التي أظنها السمة التي كنت أعمق بها نصوصي نصا بعد آخر، وبحيث لا تبدو التيمات الرمزية وعظية، أو تقدم نقدا مباشرا للواقع وإنما فنية بقدر المستطاع.
ثم منحني "كاتب الكاشف" أحد أبطال العمل، وهو الروائي الفاشل، العصابي، الذي يعاني من الوسواس القهري، وفوبيا الخروج من المنزل، منحى آخر للعمل بحيث تصبح متاهة روائية عبر نص يتداخل مع نص آخر، ثم اضافة لمسة سحرية أخرى حين يجد هذا الكاتب نفسه وجها لوجه مع بطلة عمله الروائي المتخيل، تقف أمامه شخصية من لحم ودم.
سادت لفترة مقولة بائسة عن فكرة الواقعية واعتبار تسجيل الواقع ورصده كما هو فنا أدبيا بينما أظن هذا النوع من الكتابة أميل للصحافة والكتابة المباشرة التسجيلية، وقد كان هذا هاجسي، في أثناء كتابة النص بهذا الشكل، بحيث يكون الواقع ملتبسا بالخيال على مدى النص تقريبا للتأكيد على أن الفن يخلقه كون النص الأدبي دائما يجب أن يكون أعلى من الواقع أو أدنى منه، لكنه لا يضاهيه، ولا يتماثل معه. وللتاكيد على غرائبية الكثير مما نعيشه اليوم في واقعنا العربي وفي مصر على نحو خاص.
ثم انبثقت الفكرة التي جسدت الجزء الأخير من الكتاب عبر علاقة بين عشيقة الكاتب وبطلة الرواية حاولت فيها الأولى(جيسيكا) أن تبتز الثانية (نجوى) حين وعدتها بان تمنحها الرواية بعد أن سرقتها من الكاتب لأن نجوى أرادت أن تحصل عليها حين رأت فيها تجسيدا لواقعها ومستقبلها الذي ينتهي بالموت، وكانت ترى أن حصولها على الرواية ووأدها هو تغيير لمسار الرواية التنبؤي.
في هذا الجزء كان لدي هدف أول بأن أربك القاريء، بوضعه وجها لوجه أمام زمنين مختلفين، هما زمن نص يكتب في زمن الوقت الحاضر عن أحداث زمنية لها طابع الماضي، عبر تداعي أحداث الرواية التي بدأ كاتب في استكمالها، وتضفيرها مع زمن الحاضر الذي تعيش فيه الفتاتين معا لتسجيل فيلم تسجيلي عن فتاتين من ثقافتين مختلفتين تتخليان عن كل اقنعتهما وتتجردان من كل شيء لكي تعيد كل منهما اكتشاف ذاتها.
وهنا كانت التيمة مناسبة لهدفي الثاني لتعميق فكرتي في تناول الجنس، وهي سمة أخرى من سمات الكتابة عندي.
فمن بين ظواهر المصادرة العديدة التي شهدتها خلال العقدين الأخيرين، كثيرا ما استوقفتني المصادرات أو منع الكتب التي استندت على مبررات تتكيء على الجنس. طبعا هذا لا يتعارض مع قناعة اساسية بأن كل مصادرة بالنسبة لي هي صادمة، ومتسلطة، ومصدر وصاية لا أظن أن أي رقيب في العالم يمكن ان يمنحني أو يمنع عني حرية قراءة أي نص ايا كان النص وأيا كان التابو.
لكن بالفعل يبدو تابو الجنس بالنسبة لي محيرا. في رواية أبناء الجبلاوي يقول كاتب الكاشف أحد ابطال الرواية أن "الجنس دليل على ديموقراطية النص، وان النص الخالي من الجنس نص مقموع ومكبوت"، وأظنني متفق معه تماما فيما يذهب إليه.
بشكل شخصي لا أعتقد ان هناك قاريء ما في أي مكان وأيا كانت ثقافته، بما فيهم دعاة المصادرة أنفسهم يأنف من القراءة عن الجنس، إلا إذا كان معقدا أو مكبوتا، لأن الجنس هو في الحقيقة غريزة طبيعية في الإنسان، وليس فيها ما يشين.
أرغب، منذ فترة طويلة، في كتابة نص إيروتيكي لمجرد التجريب، والتأكد من قدرتي على كتابة نص حر تماما، أخلاقيا، وهي مغامرة لم تكتمل في ذهني بعد لخوفي من ان يكون الجنس بمفرده مملا، ولكن من يعرف فربما أجد يوما الصيغة التي ابحث عنها، كما فعلت في "اشباح الحواس" بشكل ما.
لكني لا أتوقف عند الجنس، إطلاقا. تلقيت تربية متحررة ومتخففة من الكبت، وقرات مبكرا عن الجنس، بلا رقيب، وشاهدت المجلات الجنسية والأفلام في سن صغيرة، وعندما قررت الكتابة كنت قرأت مجموعة "الجدار" لسارتر، وهي واحدة من الأعمال القصصية التي تأثرت بها كثيرا، وتأكدت أن الجنس عنصر أساسي في التفكير والوعي والحياة وفي القرارات المصيرية في حياة البشر، بلا تعقيد ولا ادعاء.
في حوار مع صديقي يوسف رخا حول الموضوع، وعن دلالة استخدامي للجنس في أعمالي قلت له: لذلك أنا أعتبر الجنس عندي مثل اللغة أساسي جدا، والسؤال عنه مزعج كأنك تسألني لماذا تستخدم لغة جميلة؟! ومع ذلك فانا أعرف أن اللغة الجميلة وحدها تصنع حالة كتابة من أجل الكتابة، وهذا ليس طموحي، فانا اقدر أن البعد الاجتماعي والفكري والسياسي قد يمكن تسريبها جميعا بفنية وبراعة داخل النص على طريقة ساراماجو، وبالتالي فإن النص الجنسي المحض ايضا قد يكون مملا مثل النص اللغوي.

عندما انتهيت من الرواية لم أكن قادرا على التعامل معها، ولم اكن متيقنا من مدى نجاحي. لكني كنت أشعر أنني حققت الكثير مما كنت أصبو إليه، وادركت أنني إذا توفر لي الوقت والظروف التي تمكنني للكتابة بلا انقطاع، يمكنني أن أنجز نصا عميقا ومشوقا، وهو ما تيسر لي بسبب وجودي هنا في الكويت خلال الكتابة. وقد دعاني ذلك لاستدعاء تاريخي مع الكتابة.
استعدت قراري بأن أصبح كاتبا منذ قررت ذلك في يوم من أيام العام 1986، حين كتبت قصة محفوظية أولى بعنوان "الجبل".
كنت منذ طفولتي المبكرة مولعا بالقراءة بتشجيع من والدي، المهندس، المستنير الليبرالي، والذي ادين له بالكثير، وبالرغم من ذلك، وبالرغم من أنه كان الشخص الذي أشعل حماسي للاهتمام بالقراءة والأدب منذ الطفولة، لكنه اختلف معي حين أعلنت رغبتي في الالتحاق بالقسم الأدبي في الدراسة الثانوية، ودار بيننا حوار طويل حاول فيه إقناعي بان أدباء كُثُر وبينهم يوسف إدريس عملوا في مهن أخرى غير الكتابة لكي يوازنوا بين متطلبات الحياة والكتابة.
اقتنعت، على مضض، لكني أيضا أصبت بالتشتت، وبالإحباط، فقد كنت أتمنى في أعماقي دراسة الفلسفة والمنطق، والمفارقة أن أصدقائي ممن لم يكن يستهويهم التعليم من الأساس كانوا يلتحقون بالقسم الأدبي بدعوى أنه أنه أسهل من القسم العلمي، بينما أنا الشغوف بالأدب واللغة والفلسفة والتاريخ أدرس مضطرا، الرياضيات والتفاضل والتكامل والفيزياء والكيمياء، وأتجرعها بمرارة.
وبسبب فقداني للهدف التحقت بكلية التجارة ودرست إدارة الأعمال بلا هدف أو أمل في شيء، ولم ينقذني سوى قراري بالعمل في الصحافة في "روزاليوسف" قبل أن انتهي من الدراسة، وانتقلت بالفعل من مدينتي الصغيرة "المنصورة" إلى القاهرة منذ عام 1990 من دون رغبة أبي، الذي وافق على مضض حينما أدرك مدى إصراري، بل وساعدني بالتكفل بإيجار الشقة على مدى العامين الأولين من وجودي بالقاهرة، وحتى حصولي على البكالوريوس عام 1992.
تخرجت إذاً، متأخرا عن دفعتي بنحو ثلاثة أعوام، بالإضافة إلى سنة في الثانوية العامة رسبت خلالها عنادا لأثبت لأبي، لاواعيا، بأنني فقدت طريقي منذ تخليت عن الالتحاق بالقسم الأدبي.
لا أستطيع أن ألوم والدي في النهاية فهو ابن ثقافة مجتمع يرى أن الأدب لا يمكن أن يوفر طعاما أو يفتح بيتا. مجتمع ينظر، بإصرار وتعمد، إلى الكاتب بوصفه شخصا غريب الأطوار، يشتري الكتب بدلا من الملابس، يعيش اغلب حياته شاردا عما حوله.
مجتمع يخشى من أي نزعة فردية ويحاربها بجلاء، ويمارس ضغوطا خفية وماكرة على عزلة الفرد ممن يرغب في أن يكتفي بالكتابة معنى لوجوده، وينظر إليه بنفور إذا لم يدخل في إطار المؤسسة الاجتماعية (الزواج).
مجتمع لا يحترم الكتابة ولا الكُتّاب، حتى لو ادعى العكس، ولا الفردية التي يتطلبها معنى أن يكون الشخص كاتبا مستقلا بكل معنى الكلمة. فهو يريد أن يتأكد من إيمانه بكل ما يؤمن به العقل الجمعي، المغيب أساسا، حتى لو كانت خرافة، وان ينتمي لمؤسسة أيا كانت، حكومية أو معارضة، وهذه النظرة الثنائية المتأسسة على ثقافة الحرام والحلال، هي أكبر تناقض يمكن أن يقع فيها أي كاتب حقيقي، مهما تشدق بالليبرالية والحرية.
مجتمع يحب التفاهة ويكرس لها وينفر من كل عميق أو مختلف، ويخلط بين الفكاهة والسخافة وقلة الأدب.
مجتمع يقتات الناشرون فيه على دم الكاتب، ويربحون ويستمرون في النشر، ويدعون للكاتب أنهم يخسرون بسبب كتبه، ولا يكلّون في الوقت نفسه من الثناء على موهبته!
بالتالي ينبغي له أن يبحث باستمرار عن عمل آخر يدر عليه دخلا على حساب الكتابة، وقد تلتهمه دوامة العمل وتئد أحلامه للأبد، وقد يقاتل إذا كان شديد اليقين بما يفعل.
هذا هو قدر الكاتب في مجتمع مثل مجتمعنا، في حين أن الكاتب في الغرب بإمكانه أن يتفرغ تماما للكتابة بعد أن يصدر كتابا أو اثنين، وأن ينتج أفكارا مهمة وجديدة بالتالي ليس فقط بسبب التفرغ وإنما لأن المناخ يقتضي مثل هذا الإنتاج المبتكر للأفكار والفلسفة والعلوم والأدب.
يا إلهي، يا لفجاجة الأفكار حين تكتب بهذا الشكل المباشر، لكن ما يسعدني حقا أنني تقريبا أشرت إلى هذا كله في "ابناءالجبلاوي" مستخدما القاعدة الذهبية
Show,don’t talk
, وأظنني فعلتها. أو هكذا أرجو
.
ـــــــــــــــــــــــــــــ

* روائي وكاتب مصري

شهادة ألقيت في ندوة ملتقى الثلاثاء الكويتي على هامش ندوة عقدت لمناقشة رواية أبناء الجبلاوي، وسبق نشر الشهادة قبل تعديلها في موقع الكتابة

4 comments:

Unknown said...

حاولت في فترة سابقة أن استقطب احد الكتاب الشباب لكي يحكى لي عن تلك المنطقة التي تكونها الكتابة ويكونها هو عن الكتابة بداخله لكنني فشلت أو اعتقد انه فشل فى ذلك ..... وجدت النص مصادفة...وأجاب بالنسبة لي على الأقل إلى كثير من الأسئلة التي اتعبتنى....!!!!

شكرا لحضرتك

AHMED SAMIR said...

الرواية بجد رائعة و مختلفة تماما
لم يسبق لي ان قرأت مثل هذا النوع من الحكي
تحياتي

Anonymous said...

أتمنى لك التوفيق، و مواثلة النجاح
تحياتي الخالصة
بلكبير بومدين

محمود مودى said...

أعجبتنى الرواية وكنت اتابعها فى جريدة المصرى اليوم
شكرا وفى انتظار ابداعك القادم
moodyerosia