Monday, July 20, 2009

أيها القمر


يا أيــــها القـــــــمر


بين ذكريات الطفولة التي يخمشها الوعي من مناطق اللاوعي بين آن وآخر، تتسيد لقطة لذلك المتوهج النائي المحلق بعيدا، المراقب الصامت، الدؤوب في تتبعه لي، يرمقني مبتسما

فارد له الابتسامة وأنا مشحون بأسئلة بلا إجابات فلم يكن عمري يتجاوز السابعة آنذاك

تتقافز في وعيي آنذاك افكارا عدة عن الما وراء، عن السيد الماثل هناك في الأعالي ولا يراه أحدوكيف يكون، وأين يكون، وإن لم يكن هو ذاك المبتسم الجميل في الأعالي فمن يكون، ثم أغوص في فكرة الألوهية حتى يتوه عقلي فأهز راسي مكتفيا وقانعا بابتسامة القمر


لاحقا، وبعد سنوات عرفت أنه ليس سوى ذلك الكوكب المعتم الذي داعب خيال الإنسان منذ أزمنة بعيدة حتى وصلته أقدام البشر، فهدهدهم ومنحهم خفة المشي التي لم ولن يعرفوها على الأرض البتة

هكذا أصبح مثارا لأفكار رومانسية، ولجمال انعكاسه على سطح مياه النيل والبحر ليلا

ورفيق ليالي السفر، والعزلة والالم، والحب، وليالي الشك والغيرة وسنوات الحيرة والعبث

ومضيئا لعتمة ظلمات ليالي شبابنا الماجنة على الزوارق مع كؤوس ولفافات تبغ وضحكات ما كان لها أن تتوقف،
كما أصبح رقيبي الوحيد وسر توهج الساقين الجميلتين، والفخذين الخجولين بالأبيض الفضي الجميل، حيث تسللت يدي قريبا من موج البحر، على الرمال في سنوات المراهقة،

وايقونة سيدة الأقمار السوداء التي كانت رمزا لامرأة شهوانية بحثت عنها بضع سنوات، حتى هويت بشهوتي لجسد الواقع، حبا وشبقا وأنينا وتمسيدا، بينما لا أكتفي حلما بأن أمارس الحب مع من أحب تحت ضوء القمر، وفقط

كنت أدركت أن السيد المبتسم البعيد النائي ذاك لن يهبط إلي هنا على الأرض ابدا، مهما ناديته،

لا هو ولا غيره، وإنما سيظل بعيدا هناك ينتظر من يقتحم ويعرف ويهشم المجهول توقا للمعرفة واستجابة لأسئلة العقل

دون أن يفقد سمته وجها مضيئا مبتسما وملهما لكل من اراد منه إلهاما

ايها القمر تحية إليك في ذكرى وصول البشرية إلي سطحك الفضي الجميل، في علاك

...

2 comments:

Anonymous said...

جميل بما يفوق الوصف

مودّتي

محمود عاطف

Anonymous said...

جميل بما يفوق الوصف

مودّتي

محمود عاطف