الإخوان.. من توظيف الأموال إلى
توظيف صناديق الانتخاب !
بينما كنت أتابع أحد المشاهد
الكوميدية التي تحاصرنا اليوم من مجلس الشعب المصري الجديد، متأملا المظهر
البائس، في لاعقلانيته ورجعيته وانعدام كفاءته، لأعضاء المجلس بأدائهم الذي لا ينتمي لأدنى أعراف العمل البرلماني، ولا الثوري، أو
السياسي ، بينما يساورني شعور بالشفقة على اختيار الشعب المصري. وإزاء هذا المشهد تبين لي كيف أن المصريين ما زالوا عاطفيين، ولن اقول نفعيين، حتى في اختياراتهم السياسية، ولو أدت بهم عواطفهم للتهلكة. وتملكني شعور غامض بأن
الملايين من الذين منحوا لهؤلاء النواب أصواتهم هم تقريبا نفس الجمهور الذي منح
شركات توظيف الأموال الإسلامية كل مدخراتهم وفقدوها للأبد!
كان ذلك الجمهور، وقبل عقدين تقريبا، توجه الى صناديق
الاستثمار التي وعدتهم بارباح "إسلامية" تفوق "المنطق" و"الخيال" معا، يطمع في الحسنيين "الأرباح الطائلة" من جهة، وكونها أموالا "حلال" في الوقت نفسه، كأنهم
كانوا يبررون أطماعهم في المال بتغليفه في هذا الإطار الإسلامي البراق الذي كان
يردده رموز شركات توظيف الأموال ذوي اللحى الطويلة والذقون والمسابح والشعارات
الدينية عن الاستثمار الحلال وكل ما تبين لاحقا من أنه ليس سوى مجموعة من الاكاذيب.
مرتان وأكثر!
وبالرغم من أن المؤمن يفترض به ألا
يلدغ من الجحر مرتين، لكن المؤمن المصري لديه الاستعداد، والمناعة على ما يبدو، أن
يلدغ اكثر من مرتين، فقد توجه الجمهور الى صناديق الاقتراع هذه المرة بدلا من
صناديق الاستثمار أملا في أن تكون حياته كلها حلال في ظل مجلس نيابي تسوده
الشعارات الإسلامية والدينية، وهو دليل على أن المؤمن المصري لا يتعظ للاسف.
كنت اشرت سابقا أن الإخوان قد
نجحوا في حشد التعاطف معهم عبر الخطاب الديني الذي يدغدغون به المشاعر، وبترسيخ
صورتهم كضحايا للتعذيب والمعتقلات على مدى سنوات، رغم أن هذا كان قدر كل من مارسوا
السياسة في مصر من الشيوعيين واليساريين قبل الإخوان بسنوات. كما نجحوا في كسب
تعاطف الشارع عبر العمل الخدمي والأهلي المنظم خصوصا في الريف، بتوفير الرعاية
الصحية والاجتماعية لعدد كبير من المصريين، وفي المؤسسات النقابية وسواها.
وقلت أن هذا كله قد يمنح الإخوان
ثقلا في قدرتهم على التضامن الاجتماعي، ولكن باستثناء ذلك فليس لديهم اي خبرات
سياسية أو مشروعات تنموية حقيقية، وأغلب استثمارات رموزهم، اذا استثينا رجال توظيف الأموال، هي في اعمال التجارة والسمسرة، لا الصناعة ولا اقتصادات التنمية والإنتاج الزراعي أو الصناعي.
وهم رفعوا شعارين ضبابيين لسنوات هما "الإسلام هو الحل" ، "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، وهما شعاران لم يثبت الإخوان، في أي وقت، قدرتهم على تحويل أولهما إلى خطط سياسية تضمن تحويل المجتمع المصري من مسيرته التنموية والإنتاجية العشوائية والمتعثرة إلى مجتمع منتج وفقا لأحدث مفاهيم الإدارة والعلوم كما شأن كل التجارب التنموية التي نهضت في اوربا الشرقية وشرق آسيا خلال العقود الخمس الماضية. أما الشعار الثاني فبدا شعارا عسكريا، يشير إلى أن مشروع قوة مستقبلية غامضة، وبسبب هذا الغموض ظل هذا الشعار ضبابيا لأنه لا يكشف حقيقة من يجب أن يستعد له الإخوان وهل هم الحكومات الوطنية الفاسدة التي كانت تحكم مصر، أم مجتمعات الكفر الغربية كما يشيع المصطلح في الخطابات الإسلاموية الرجعية، أم القوى الإستعمارية التي تحتل فلسطين بدعم غربي وأمريكي شبه مطلق أم من؟
وهم رفعوا شعارين ضبابيين لسنوات هما "الإسلام هو الحل" ، "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، وهما شعاران لم يثبت الإخوان، في أي وقت، قدرتهم على تحويل أولهما إلى خطط سياسية تضمن تحويل المجتمع المصري من مسيرته التنموية والإنتاجية العشوائية والمتعثرة إلى مجتمع منتج وفقا لأحدث مفاهيم الإدارة والعلوم كما شأن كل التجارب التنموية التي نهضت في اوربا الشرقية وشرق آسيا خلال العقود الخمس الماضية. أما الشعار الثاني فبدا شعارا عسكريا، يشير إلى أن مشروع قوة مستقبلية غامضة، وبسبب هذا الغموض ظل هذا الشعار ضبابيا لأنه لا يكشف حقيقة من يجب أن يستعد له الإخوان وهل هم الحكومات الوطنية الفاسدة التي كانت تحكم مصر، أم مجتمعات الكفر الغربية كما يشيع المصطلح في الخطابات الإسلاموية الرجعية، أم القوى الإستعمارية التي تحتل فلسطين بدعم غربي وأمريكي شبه مطلق أم من؟
الفارق أو الاختلاف الوحيد بين
تجربة شركات توظيف الأموال وبين تجربة انتخاب برلمان تسوده أغلبية إسلامية هو عامل
الزمن، فبينما اكتشاف عملية النصب الكبرى التي تعرض لها المصريون على يد
شركات توظيف الأموال قد استغرق وقتا، فإن الأمر في المجلس ظهر جليا من الجلسة
الأولى وربما حتى قل الجلسة الافتتاحية، فقد بدا من أغلب هؤلاء النواب أنهم لا
علاقة لهم بالسياسة ولا بالعمل البرلماني، ليس حتى على مستوى الطرح السياسي بل على مستوى الحد الأدنى من امتلاك مهارات التحدث في برلمان تشريعي، ولم يهتم اي منهم حتى الآن بطرح أي مشروع
قانون لإصلاح التعليم والاقتصاد والسياسة في مصر، والكل يتحدث في سفاسف من قبيل
الهجوم على الثوار وعلى النواب المتعاطفين مع الشارع والداعمين لضرورة أن يكون
البرلمان معبرا عن الثورة ومطالبها، ولن اشير إلى السخافات وما أكثرها التي لا تليق حتى بجماعة يجلسون في حارة وليس في مجلس تشريعي، وإقامة الآذان، في غير مكانها، ليست اسخفها وإن كانت تتمتع بقدر كبير منها.
وهنا أبتعد قليلا عن البرلمان متجها إلى "الغالبية الصامتة"، (وصمتها لم يمعها عن التصويت بطبيعة الحال) التي تميل لعودة مصر إلى الاستقرار على أي نحو وفي اسرع وقت، وفي
سبيل هذه الرغبة التي تعبر عن شخصية براجماتية لا تنظر إلى أبعد من مصالحها الضيقة
من جهة، وتسبغ على أوهامها هذه إحساسا بالوطنية، لا يمكن أن نشكك فيه، بطبيعة
الحال، غير أنه في الواقع لا يمكن اعتباره حسا وطنيا إيجابيا لأنه ينطلق من خوف من
الفوضى والبلبلة والتشتت والتخبط وغياب الأمن وضبابية المستقبل.
لا وعي هنا إذن بالفارق الرئيس
بين من يفكر في العمل الثوري كعمل يقوم على هدم نظام استبدادي قديم بكل أركانه
وإعادة بناء نظام جديد على أسس مختلفة تماما، وبين من ينظر للثورة كعمل إصلاحي ينتهي بإزالة رأس النظام وأذرعته
ثم يعاد البناء من جديد دون الوعي بأن البناء فوق الانقاض ليس مأمونا على الإطلاق، إن لم يكن شكلا من اشكال إعادة بناء النظام القديم.
ولو ابتعدنا قليلا عن المشهد كي نستطيع فهمه بشكل اكثر وضوحا سنجد أن جانبا كبيرا من المشكلة التي لا يستوعبها قطاع
الشعب الميال لفكرة العودة السريعة للاستقرار، عدم إدراكه لطبيعة الفجوة الكبرى التي بدأت وزامنت حدثين
مهمين يوم 11 فبراير الماضي، ثم ازدادت اتساعا بحيث اصبح من الواجب الآن
استعادة الزخم الثوري لتصليح الاوضاع.
فبمجرد تنحي الرئيس المخلوع مبارك في 11 فبراير
قبل عام تقريبا، انتبه الثوار إلى أن ما فعلوه، وبإصرار لافت كان يتوقد يوما بعد آخر، انفلت من مفهوم التغيير الإصلاحي
الضيق الذي بدءوا به وتحول إلى "ثورة" بكل ما تقتضيه الكلمة من هدم
مؤسسات النظام القديم التي تأسست على الفساد وسوء الإدارة وبطء اتخاذ القرارات
الإصلاحية وتشديد قبضة الأمن على كل الملفات الحساسة في الدولة حتى لو لم يكن من اختصاصها، والاستهانة في التعامل بحسم في القضايا التي راح ضحيتها المواطنين، وإطلاق يد الدولة البوليسية لتجترأعلى حريات المواطنين وحرماتهم وكرامتهم، وفتح الباب على اتساعه لأصحاب النفوذ في التربح بكل الوسائل الشرعية
وغير الشرعية مما أدى إلى توسيع الهوة بين الفقراء والأغنياء، مع غياب شبه كامل
لتطبيق القانون. وانهيار تام لمؤسسات نهضة أي مجتمع ممثلة في التعليم والإعلام.
اصبحت هذه الاسباب مع لحظة إعلان مبارك تخليه عن السلطة "أسبابا للثورة" وصار نقيض كل منها مطلبا من مطالب الثورة، وأن هذه المطالب صارت محتومة بالشرعية التي تولدت من هؤلاء الملايين الواقفين في الميادين والشوارع والساحات في مصر كلها، تحتاج جميعا إلى وسائل تنفيذ ثورية وسريعة، بينما المجلس العسكري الذي تسلم
السلطة من شرعية الميدان في هذا اليوم فلم ينتبه إلى أن المطلوب هو إدارة ثورية
تقتضي هدم المؤسسات القديمة وإعادة بنائها. وهو ما كان يقتضي هدم فوري لمؤسسة
الداخلية التي انهارت منذ يوم 28 يناير قبل الماضي، وإعادة هيكلتها، وطرح تصورات
جديدة لهدم وبناء منظومات التعليم والإعلام عبر استشارة نخب الدولة كلها، وإقرار
قوانين ثورية لمحاسبة كافة رموز الفساد في النظام القديم. وخلق أجهزة رقابية بصلاحيات ثورية لملاحقة كافة أطراف الفساد في الجهات الحكومية وسواها وعلى وجه السرعة.
وهذا هو ما حدث مثلا في الثورة
البولندية التي استطاعت تأسيس نظام ثوري جديد في غضون ستة أشهر.
هذه الفجوة في التصور الثوري الذي
بزغ وتفجر في الميدان وبين أداء المجلس العسكري الذي ينتمي للنظام القديم هو الذي
احدث الفجوة التي نراها اليوم خصوصا مع تخبط أداء المجلس وغياب اي رؤية للتغييير
الثوري المطلوب خصوصا فيما يتعلق في تشكيل حكومات مستلهمة من النظام القديم، وفي
تأخير محاكمة مبارك ورجاله، ثم محاكمتهم أمام القضاء العادي، مع اللجوء للأحكام
العسكرية للمدنيين في قضايا لا يستحق الكثير منها أساسا أن ينظر في اي محكمة خاصة أو استثنائية مثل المحكمة العسكرية التي يقضي العرف بانها مخصصة لمن ينتمي من المؤسسة العسكرية من مخالفي قوانينها. كما زادت الفجوة بين الشارع الثوري والإدارة الانتقالية ممثلة في المجلس العسكري، المفوض من قبل الشارع، بسبب تأخر أي قرارات تخص القضايا الحساسة التي فجرت تباعا والخاصة
بغياب الأمن، والأقباط وتلفيق اعلان دستوري بلا تمحيص ثم أعلان جدول بطيء لنقل
السلطة للمدنيين.
يقول عمرو الشبكي وأتفق معه " إن من قادوا المرحلة الانتقالية ظلوا يحكمون البلاد بنفس الطريقة
القديمة ولم يحاولوا ولو قليلا ترك وصية مبارك فى الحكم، فلم نتقدم خطوة واحدة على
طريق إعادة بناء المؤسسات ولا على مستوى التوافقات السياسية، وتعمق الاحتقان بدلا
من الحوار وغابت ثقافة «الطاولات المستديرة» التى ضمت كل فرقاء الساحة السياسية فى
أوروبا الشرقية، والتى اتفقوا فيها على أغلب النقاط التى تحكم عملية الانتقال
الديمقراطى، فى حين اكتفينا نحن بتأسيس لجان لـ«الشقاق الوطنى» وصراخ وضجيج بلا أى
طحن".
فيما يتعلق بالثوار أنفسهم فهناك ايضا ملاحظات تخصهم، إذ أنني مثلا من بداية الثورة كنت أردد أن الثورة ليست مجرد الانتقادات المستمرة والبحث عن مساويء وسلبيات المجلس والحكومات المتوالية التي يعينها، فهذا جزء من العمل الثوري، لكن الأهم اقتراح نماذج الإصلاح بشكل علمي وتحويل الثورة من مركزها في الميدان إلى أرجاء
المناطق العشوائية والضواحي، لنشر الوعي بمفهوم الثورة ومطالبها والمستقبل الذي تبتغيه هذه الثورة للمواطنين البسطاء وغيرهم . وهو ايضا ما تأخر كثيرا،(صحيح أننا نشهد اليوم العديد من
المبادرات الثورية مثل الفن ميدان وسلاسل الثورة وعروض كاذبون لكن هذا لا يكفي لثورة تواجه بجهاز إعلامي منحط) وهذا التأخير أفقد الثورة زخمها أيضا في هذه المرحلة الحرجة
التي نعيشها اليوم. وبتعبير عمرو الشوبكي إن مخاطر خطاب «الثورة غاية» أنه يدفع
بتيار الاستقرار الغالب فى المجتمع المصرى إلى خارج قيم الثورة ومبادئها، ويدفعه
إلى انتظار المخلص العادل، بعد أن أشعره البعض بأن الثورة مهتمة فقط بالاعتصام
والتظاهر، لا الإصلاح والتقدم.
لهذا كله يبدو غريبا جدا بالنسبة
لي على الأقل أن أجد من يستهجن وجود الثوار في الشارع واعتراضهم على وجود المجلس
العسكري منفردا في الحكم خصوصا وأنه لم يسهم في أي تخطيط إصلاحي حقيقي في إعادة
بناء الدولة على مدى العام الماضي وهو ما يعني مجرد تأخير نتائج الثورة، وهذا
البطء في حد ذاته كان كفيلا بشكوك الكثيرين حول الدور الحقيقي للمجلس ومدى تواطؤه
مع رموز النظام السابق، ومدى جديته أيضا في نقل السلطة إلى المدنيين وبدون مساومات
أو محاولات ليكون دولة فوق الدولة.
أما أكثر سلبيات إدارة الفترة
الانتقالية في ظني فهي تحويل المصريين الى جماعات متناحرة، الثوار الذين يهبون
أرواحهم دفاعا عن حقوقهم وكرامتهم وتوقا للعدل والكرامة، وعن أرواح الشهداء الذين
بذلت من أجل الحرية يوصفون بأنهم بلطجية وأنهم يمولون من الخارج لتخريب البلاد
وإشاعة الفوضى. والأقباط بلغ بهم الأمر إلى تهجير بعضهم اليوم من احياء سكنهم على
يد متطرفين، والبلطجية يسرقون وينهبون بلا رادع، وقطاع الطرق يفعلون ما يحلو لهم.
والإخوان يستغلون الوضع لعقد صفقات مع المجلس على حساب دم الشهداء. والإعلام
الرسمي يسهم في هذا كله بطريقة مشبوهة ومنحطة.
الحقيقة أن المصريين جميعا يرغبون
في نهضة بلادهم مرة أخرى، ولا يمكن التشكيك في وطنية أي منهم سواء من يبذل روحه
ويقدمها في الميدان عاري الصدر، أو من يرى أن الاستقرار باي ثمن وإصلاح المؤسسات تدريجيا
هو الحل، أو حتى من يجلس على الكنبة متأزما من كل الأوضاع وناقما على كل شيء سواء ما قبل الثورة أو بعدها،
لكن المجلس استطاع أن يحول الأفكار
المختلفة لوسيلة استعادة هذه النهضة إلى منطقة عداء وتناحر بين المصريين جميعا وهو
ما نرى آثاره اليوم كأخطر نتيجة يمكن أن يتعرض لها مجتمع ثوري يريد ان يلحق
بالنهضة التي منعت عنه قسرا وفسادا لعقود.
وبالرغم من ذلك فإن عدم التشكيك في
وطنية أحد لا تعني على الإطلاق الانحياز لأي طرف ممن كانوا من
رموز النظام القديم ويتسلقون اليوم الثورة ايا كانوا وايينما تواجدوا سواء في المجلس العسكري او في
الحكومة أو المؤسسات الحزبية أو الإعلام أو غيرهم.
ولا أعتقد ان هناك اي بديل آخر لوقوف الثوار في الشارع، للضغط على المجلس العسكري لنقل السلطة وبدء إعادة البناء، وإتاحة الفرصة للشعب لكي ينتخب برلمانا أقوى في المرة المقبلة بعدما تبين نتيجة الاختيار المتعجل الذي يجسده هذا المجلس، فهذا حق الثوار، وحق الشهداء، بل وحق كل من استفاد من نتائج الثورة خصوصا من جاءوا من الزنازين إلى المجلس.
وبالرغم من الشعبية التي يحظى بها
المجلس من جموع لا تستطيع أن تميز بين المجلس العسكري كمجلس انتقالي مسؤول عن كل
ما يحدث منذ التنحي وحتى الآن بل ومسؤل خصوصا عن تحقيق مطالب الثورة، وبين القوات
المسلحة التي تتكون من أبناء مصر جميعا، والتي يكن لها المصريون التقدير الشديد،
من موقع كونها المؤسسة المسؤولة عن حماية الحدود الوطنية والذود عنها.
أقول ان احتماء المجلس العسكري
بهذا الخلط المشوش لا يعني شيئا في الحقيقة أكثر من إطالة مرحلة التغيير التي كان
من الواجب أن تبدأ على الفور خصوصا وأن المنطقة الآن تشهد قلاقل كثيرة في ضوء التوترات
الأمريكية الإيرانية من جهة، وفي ضوء ممارسات النظام السوري ضد شعبه وما سوف يسفر
عنه من احتمالات تدخل أجنبي، وغيرها من الاحتمالات التي تقتضي عودة الجيش إلى
ثكناته والاستعداد لكافة الاحتمالات الممكنة في المستقبل القريب بدلا من التورط
اكثر من ذلك في الشأن الداخلي الذي يقتضي تدخل مؤسسات أخرى مدنية وليست عسكرية.
أكرر ان الثورة عمل ثوري مستقبلي
حداثي، قفز بنا قفزة زمنية لم تكن متوقعة، ولن يرتد للخلف رغم أي ظروف لأن التغيير
احدثه العمل الثوري فقط وليس مبادرات الإصلاح ولا صفقات الإخوان السياسية، والمبتذلة في الحقيقة بقدر براجميتها، والتي
تتكشف يوميا ، ولا اقوال السلف، ممن ناقضوا الكثير من دعاويهم بتحريم الديمقراطية ثم مارسوها، وإن رياء، وهي اقوال أو مقولات تثير في مجملها الضحك اكثر مما يمكن أخذها
بجدية....ولهذا كله فالثورة مستمرة ولكنها تحتاج الكثير من الفهم من الجماهير، ومن الثوار انفسهم، ثم من الإدارة الموكلة من الشعب لقيادة الفترة الانتقالية ممثلة في المجلس العسكري، نعم تحتاج الثورة للفهم ولا تحتاج، بل ولن تقبل،اي وسائل إدارة
مراوغة على طريقة النظام البائد الذي جسده المخلوع وأعوانه.
No comments:
Post a Comment