سرقسطة..عشيقة الحضارات
بهمسة خافتة بين شاب وفتاة متواعدين، في محطة القطار، استقبلتنا سرقسطة. وبمجموعة من الآثار التاريخية الباهرة التي يندر وجودها حتى في أكثر المناطق الأندلسية شهرة. فاجأتنا هذه المدينة بكثير مما لم نتوقعه. وتحولت دهشتنا إلى حال من الإعجاب بعد مشاهدة موقع معرض إكسبو 2008 الذي قدر لسرقسطة أن تقيمه هذا العام، فأضافت إلى الرومانسية لمسة من الإبهار، سواء على مستوى هذا المعرض الاستثنائي، أو على مستوى المدينة نفسها، التي تتعانق فيها أربع حقب من التاريخ، في مزيج مدهش من لمستين؛ أولاهما أوربية تسم كل شيء من النظافة والنظام والدقة إلى التخطيط العمراني، أما الثانية فلها صبغة أندلسية، تتجلى في طرز المعمار، والآثار، والمباني العتيقة، وفي طيف خفي لهذه المدينة الايبيرية، يزاح ستاره التاريخي بين آن وآخر ليطل وجه عربي ما، فيجعلنا على تلك الحافة الحادة والرهيفة معا بين الألفة والاغتراب.
منذ ولجنا هذه المدينة، عبر بوابة محطة القطار، هتفت لنفسي مندهشا: هذه ليست مدينة بيضاء كما قرأت عنها، بل هي مدينة اللون البني بامتياز؛ مدينة بلون الطين والحجارة، عمارتها المعاصرة المستلهمة من تراث الأندلس تعتمد أولا وتاليا على الحجارة الحمراء أوالبنية، تتقاطع فيها البساطة مع الحداثة بنوع من الإلحاح. وما بين اللونين؛ الأبيض والبني، يمتد تاريخ المدينة العتيقة القادمة من زمن الأندلس، والمتجهة إلى مستقبلها الأوربي المعاصر، بهدوء راسخ وثبات.
هكذا بدأ الانطباع التخيلي الاستباقي الأول ينزاح جانبا لصالح الصورة الواقعية التي تؤكدها الشواهد والبشر من لحم ودم، والتي تكونت من فسيفسائها الصورة النهائية على مدى الأيام التي قضيناها في استضافة سرقسطة، أو ثاراجوثا، كما يسميها الإسبان، عاصمة إقليم أراجون، أو مملكة أراجون سابقا، التي تبعد عن مدريد نحو 300 كيلومتر، وتتوسط المسافة بين العاصمة وبرشلونة. عرفت بأنها «عشيقة الثقافات الأربع» بسبب تتابع أربع حضارات عليها، هي الأيبيرية (حيث سميت آنذاك باسم سالدوي) والرومانية (سيزار أجوستا) والإسلامية (سرقسطة) ثم المسيحية (ساراجوسا). مرت بها جميعا، ثم تلاقحت، لتعطي لها هذا الطابع الاستثنائي الخصب والفريد. أطلق عليها العرب «المدينة البيضاء»، ربما لأن مساكنها كانت تطلى باللون الأبيض، أو لأنها دخلت الإسلام في العصر الأندلسي دون أن تراق فيها الدماء. لكن ما كان قد كان واليوم تعيش المدينة زمنا آخر
منذ ولجنا هذه المدينة، عبر بوابة محطة القطار، هتفت لنفسي مندهشا: هذه ليست مدينة بيضاء كما قرأت عنها، بل هي مدينة اللون البني بامتياز؛ مدينة بلون الطين والحجارة، عمارتها المعاصرة المستلهمة من تراث الأندلس تعتمد أولا وتاليا على الحجارة الحمراء أوالبنية، تتقاطع فيها البساطة مع الحداثة بنوع من الإلحاح. وما بين اللونين؛ الأبيض والبني، يمتد تاريخ المدينة العتيقة القادمة من زمن الأندلس، والمتجهة إلى مستقبلها الأوربي المعاصر، بهدوء راسخ وثبات.
هكذا بدأ الانطباع التخيلي الاستباقي الأول ينزاح جانبا لصالح الصورة الواقعية التي تؤكدها الشواهد والبشر من لحم ودم، والتي تكونت من فسيفسائها الصورة النهائية على مدى الأيام التي قضيناها في استضافة سرقسطة، أو ثاراجوثا، كما يسميها الإسبان، عاصمة إقليم أراجون، أو مملكة أراجون سابقا، التي تبعد عن مدريد نحو 300 كيلومتر، وتتوسط المسافة بين العاصمة وبرشلونة. عرفت بأنها «عشيقة الثقافات الأربع» بسبب تتابع أربع حضارات عليها، هي الأيبيرية (حيث سميت آنذاك باسم سالدوي) والرومانية (سيزار أجوستا) والإسلامية (سرقسطة) ثم المسيحية (ساراجوسا). مرت بها جميعا، ثم تلاقحت، لتعطي لها هذا الطابع الاستثنائي الخصب والفريد. أطلق عليها العرب «المدينة البيضاء»، ربما لأن مساكنها كانت تطلى باللون الأبيض، أو لأنها دخلت الإسلام في العصر الأندلسي دون أن تراق فيها الدماء. لكن ما كان قد كان واليوم تعيش المدينة زمنا آخر
مقدمة استطلاع عن مدينة سرقسطة الأسبانية نشر في مجلة العربي العدد 600، في نوفمبر 2008.تصوير سليمان حيدر
No comments:
Post a Comment