Wednesday, October 12, 2011

المراة العربية وثورتها على الإنترنت




المرأة العربية وثورتها على الإنترنت
إبراهيم فرغلي



سافرة، محجبة، ومنقبة، وقفت الفتاة العربية بين الجموع الهادرة المطالبة بحقوقها في الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية في ساحات التحرير والحرية، بجوار الثوار كتفا بكتف، أعلت صوتها بنداءات العدل، ضد الفساد والقهر، رفعت شعارات المطالبة بالكرامة وحقوق الإنسان، وواجهت عصي العسكر وهراواتهم وطلقات النار، واستُشهدت مع من استشهدوا من الثوار الذين سالت دماءهم من أجل مستقبل أفضل لهم ولأوطانهم. ومن جانبهم تعامل الثوار مع الثائرات بوصفهن شريكات الوطن والمستقبل. هكذا نقلت شاشات المحطات الفضائية، العربية والأجنبية، والصحف ووسائل الإعلام الالكترونية صورة المرأة العربية، شريكة رئيسة في مشهد الثورة ومطالبات الجماهير بالتغيير والسعي لمستقبل أفضل.
 ومع ذلك ففي الواقع اليومي العربي هناك العديد من الممارسات التي تتناقض مع هذه الصورة، والتي تعددت أمثلته في مشاهد عدة من مثل رفض بعض التيارات ذات الطابع الديني لحق المرأة في الترشح للرئاسة مثلا، أو ادعاءات بعض الشخصيات العامة وتقولهم على ما يمس الشرف للثائرات، وبينهم رؤساء ممن يواجهون هتافات الجماهير ومطالباتهم بالتنحي، أوممارسات بثت وسائل الإعلام العالمية تقارير بشأنها، ووفقا لشهادات حية عن اختبارات عذرية أجريت على المشاركات في التظاهرات في مصر،  إضافة إلى ما تتداوله الصحافة ووسائل الإعلام من قضايا تمس فكرة المساواة مثل ظاهرة التحرش الجنسي المقيتة، واجتراء رجال بلا نخوة على السيدات في الشارع والطريق لمجرد أنهن "إناث"، أو موقف بعض الدول من قيادة المرأة للسيارة، أو توليها مناصب شرعية في القضاء في دول أخرى، بل وحتى على مستوى نسبة مشاركة المرأة في العملية السياسية في البرلمانات والأحزاب، وفي المناصب الوزارية ومناصب رئاسة الإدارات المحلية بشكل عام والتي لا تعبر عن واقع ما حققته المرأة العربية، تعليما ومشاركة في كافة مجالات الحياة فما هي حقيقة هذه الشيزوفرينيا العربية؟ وإلى أين؟

في هذه الجولة سأتوقف عند صورة المرأة العربية الثائرة في الواقع الافتراضي، أي على شبكة الإنترنت، لنتبين حجم الدور الذي لعبته في هذه الثورة، وحقيقة الدور الذي تمارسه في المجتمع بشكل عام، كإجابة غير مباشرة على الموقف الذكوري العربي الذي لا يزال يخرج لسانه لفكرة المساواة وللحركة النسوية العربية على السواء.

وابدأ من اليمن التي عرفت ساحاتها توافد آلاف من الفتيات والسيدات اليمنيات اللائي رفعن أصواتهن بالنداءات المطالبة بالحرية والتغيير في دلالة رمزية واضحة على التحول الذي تعنيه المطالب والشعارات في تغيير وضع المرأة في مجتمع محافظ.


من بين عشرات المدونات التي تقوم بالتدوين فيها المدونات اليمنيات أختار مدونة الكاتبة والصحافية اليمينة افراح ناصر، وهي شابة عمرها 27 عاما، تعمل بالصحافة الناطقة بالإنجليزية كمحررة في صحيفتي "يمن أوبزرفر"، و"يمن توداي" استطاعت أن ترفع صوت اليمنيات إلى العالم في الغرب عبر ما تدونه في مدونتها، ونزلت إلى ساحة الحرية في صنعاء خلال التظاهرات،  وسرعان ما بدأت تتعرض للمضايقات من قبل السلطات اليمينة، التي تطورت لتصبح تهديدا بالقتل،  بعد هذه المضايقات، سافرت ناصر إلى الدانمارك للمشاركة في ورشة عمل عن النشاط الإلكتروني خلال الثورات العربية «تعرضت لمضايقة في مطار صنعاء وتم احتجازي لفترة من الوقت». إلا أن جواز سفرها كان يشير إلى أنها طالب فأفلتها رجال الأمن خوفاً من ردود الفعل الداخلية، والدولية، وسافرت. بعد الدانمارك، ذهبت إلى السويد لمتابعة برنامج تدريبي قصير حول التدوين وطريقة استغلال هذه الكتابة الإلكترونية في خدمة قضايا البلدان النامية «وكنت أنوي العودة بعدها إلى اليمن، لكن تلقيت رسالة تحتوي على العبارة التالية: نحن في انتظارك في مطار صنعاء»! وازاء نصائح من رئيسها بالعمل ومن أمها تطلب منها التريث في العودة لليمن، أو حتى عدم العودة أدركت خطورة الوضع، وقررت اللجوء السياسي للسويد: «أنا فتاة من لحم ودم ولا بد أن أتشبث بحياتي كي أتمّكن من خدمة بلدي».
أختيرت مدونة أفراح ناصر من قبل موقع "سي إن إن الإخباري" كواحدة من أهم عشر مدونات عربية رشحتها السي إن إن للقراءة.

عشر مدونات شرق أوسطية
أما المدونات التسع الأخرى فهي :  مدونة "ارابيست" http://www.arabist.net/، وهي مدونة تهتم بالشأن المصري السياسي ويكتبها إيساندر العمراني، وهو مغربي مقيم بالقاهرة منذ أكثر من عشر سنوات،  كما تضم العديد من التقارير بالإنجليزية عن الشأن العربي وخصوصا الوضع بعد الثورات في المنطقة.
المدونة التالية بعنوان "امرأة سعودية" http://saudiwoman.wordpress.com/ وتقوم بالتدوين فيها السعودية إيمان النفجان وتهتم بشؤون المرأة السعودية وتدون بالإنجليزية أيضا، كما تهتم بقضية الصراع العربي الإسرائيلي.
المدونة الثالثة من البحرين وهي تعرف باسم "عش محمود" لأحد أقدم المدونين في البحرين وهو محمود ناصر اليوسف، وهي مدونة مهتمة بالشأن العام في البحرين بالإضافة الى التعليق على الأحداث العالمية بالإنجليزية   http://mahmood.tv/
المدونة الرابعة من مصر بعنوان "صراخ قرد الرمال"  www.sandmonkey.org ، وهي مدونة كان صاحبها يقوم بالتدوين فيها باسم قرد الرمال، كاسم مستعار، حتى تعرض للاعتداء من قبل قوات الأمن المصرية خلال أحداث ثورة 25 يناير مما دعاه للإعلان عن اسمه "محمود سالم"، والمدونة تهتم بالشأن العام والسياسة في مصر. أما الخامسة فهي مدونة "أيريس السوداء" أو Black Iris  للمدون الاردني نسيم الطراونة وتهتم بالشأن العام في الأردن والمنطقة.  www.black-iris.com

المدونة السادسة تكتبها لينا الشريف، وهي فلسطينية تدرس الأدب الإنجليزي ، وعنوان المدونة هو"بث مباشر من غزة"  http://livefromgaza.wordpress.com/ تقوم فيها بتعريف الواقع اليومي للسكان في غزة. والسابعة لمدونة بحرينية هي أميرة الحسيني، وعنوان مدونتها هو فتاة بحرينية سخيفة، وهي ليست سخيفة قطعا، فالمدونة تضم عددا من التدوينات التحليلية عن الوضع في البحرين، وفي المنطقة العربية إضافة للتعليق على وقائع يومية وعنوان المدونة هو http://sillybahrainigirl.blogspot.com/
اما المدونتين السابعة والثامنة فهما 248 am، ويدونها زوجان لبنانيان هما مارك وناتالي، والأخيرة مدونة تهتم بالكاريكاتير وهي للبنانية مايا زنكول التي نشأت في السعودية وعادت لتستقر في لبنان أخيرا، وعنوان المدونة هي www.mayazankoul.com/

اللافت هنا أن سبع مدونات من المدونات العشر تكتبها فتاة أو سيدة، وغالبيتها تهتم بالشأن العام، وهي كلها مكتوبة بالإنجليزية وبالتالي فهي تعكس أولا معرفة كاتباتها باللغة الإنجليزية وإتقانها، ما يعكس نوعا مختلفا من الثقافة والتعليم، وهي موجهة إما لقاريء عربي عارف باللغة الإنجليزية أو لقاريء اجنبي، وهو ما يستدعي في الحالتين نوعا من الكتابة الاحترافية الموضوعية التي تحترم عقل القاريء وتقوم على المعلومة والتحليل، بالإضافة طبعا إلى أسلوب خاص بكل كاتبة ما يعكس ايضا ذائقة شخصية، وثقافة تخص كل منهن.
بنية تونسية

في تونس لفتت عشرات بل مئات المدونات الانتباه للكثير من قضايا الرأي العام التونسي، قبل فترة طويلة من اندلاع الثورة التونسية، وهو ما أدى بنظام الرئيس التونسي المخلوع بن علي، إلى حجب العديد من تلك المدونات في إطار سياسة النظام السابق في التعتيم الإعلامي، ومن بين تلك المدونات مدونة " بنية تونسية" www.atunisiangirl.blogspot.com  التي تدونها الناشطة لينا بن مهنى وهي ناشطة حقوق إنسان صحفية تونسية وعضوة الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال. تعمل صحفية في راديو كلمة الذي تملكه ناشطة حقوق الإنسان التونسية   سهام بن سدرين  وتعمل كذلك أستاذة جامعية تدرس الأدب الإنجليزي. واختيرت مدونة لينا بن مهنى بين ثلاث مدونات عربية اخرى ليتم تكريمها بعد فوزها في مسابقة "بوبس" العالمية التي تنظمها إذاعة DW، الألمانية، في شهريونية الماضي. وتنتقد بن مهني في مدونتها المسماة "ببنية تونسية" منذ عدة سنوات الأوضاع الاجتماعية والسياسية في تونس وتنشر تدويناتها بالعربية والإنجليزية والفرنسية. وتتناول لينا بن مهني قضايا الاضطهاد والرقابة في ظل حكومة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وخلال ثورة الياسمين التي انطلقت في شهر ديسمبر/ كانون الأول سافرت لينا بن مهني إلى مدينتي سيدي بوزيد والقصرين للكتابة ونقل الأخبار من هناك ورصد وقائع القمع الذي قامت به الشرطة المحلية ضد المتظاهرين. ومنذ التغيير السياسي الذي حدث في تونس، تكتب لينا عن الصعوبات التي تواجهها الدولة في مسار التغيير الديمقراطي.
ناشطات مصريات
وفي مصر كان للفتيات دور كبير على الإنترنت بدأ من الدعوة للتظاهرات في 25 يناير، عبر العديد من المدونات والناشطات السياسيات والفتيات المهتمات بالشأن العام وبينهن اسماء محفوظ من حركة 2 إبريل التي لعبت دورا منذ أحداث المحلة قبل عامين، وامتد دورها في هذه الثورة عبر شبكة الإنترنت ومن خلال الموقع الاجتماعي "فيس بوك"، الذي شهد نشاط توعوي وتنظيمي لاسماء كثيرة بارزة بينها الإعلامية المصرية بثينة كامل التي شاركت في العديد من التظاهرات والنشاطات الرافضة للقمع في عهد الرئيس المخلوع مبارك، خصوصا بعد إنشاء جروب "كلنا خالد سعيد" الذي كان له دور كبير في تحرك الثورا يوم 25 يناير وما بعدها، واليوم أعلنت بثينة كامل عن ترشيحها نفسها كمرشحة محتملة للانتخابات الرئاسية المقبلة في صر في دلالة رمزية بالغة الهمية على تاكيد حق المرأة في الترشح لكافة المناصب في الدولة وعلى رأسها حق الترشح لرئاسة الجمهورية.
وعلى الفيس بوك برزت العديد من الأسماء التي أسهمت إما بالتحرك أو التعليق والنقد أو الدعوة للتظاهرات، وهن جميعا شاركن في التظاهرات أيضا في الميدان من بينها المترجمة هالة صلاح الدين، والكاتبات أمثال منصورة عز الدين وميرال الطحاوي وسحر الموجي ومنى برنس، ود. رشا عبدالله ود. رضوى عاشور وهالة البدري ونيرمين نزار ورحاب بسام ووئام مختار وآلاف..نعم آلاف أخريات.
وكان من بين النشاط الإلكتروني الذي تسببت الثورة فيه موقع دولة مدنية الذي أنشأته الكاتبة والأكاديمية المصرية المقيمة في كندا مي التلمساني وهو موقع مختص بالتوعية بفكرة الدولة المدنية وحقوق المواطن التي تتاسس عليها فكرة المواطنة.
كما أن الكاتبة منى برنس قامت بنشر يومياتها في ميدان التحرير خلال الثورة ونشرتها على الفيس بوك على عدة أجزاء بعنوان "من يوميات ثورة اللوتس"، وغير ذلك العديد من الناشطات والتجارب التي تضيق المساحة عن ذكرها.
الثورة والمهاجرات العربيات
طبعا كانت هناك تجارب الكتابة التحليلية التي مارستها كاتبات بارزات مثل الدكتورة رجاء بن سلامة الأكاديمية التونسية على موقع الأوان الالكتروني والذي سبقت الإشارة له هنا، ولعبت دورا بارزا في التوعية بالوضع ما بعد  الثورة، كما قامت بدور شبيه الكاتبة المصرية منى الطحاوي التي تقوم بالكتابة السياسية في الصحف الأمريكية، وتقوم عبر تعليقاتها في موقع "Twitter"، بالتعليق على أبرز الأحداث في مصر والعالم العربي.
ومنى الطحاوي واحدة من نماذج المصريين المغتربين الذين ادوا دورا بارزا في التعليق والتحليل والتضامن مع الثورة عبر الوسائل الافتراضية المختلفة، هناك ايضا كان لافتا نشاط ميرال الطحاوي من الولايات المتحدة عبر التعليق المستمر على الأحداث ونشر كل ما يرتبط بالثورة، وكذلك الامر بالنسبة للشاعرة والأكاديمية إيمان مرسال من كندا، والتي كان لها دور كبير في اقتراح أول بيان تضامن من المثقفين المصريين المغتربين مع الثورة، إضافة إلى اقتراحها لمناقشة السياسة الثقافية في مصر بعد الثورة بما يتضمنه ذلك من مناشة فكرة ضرورة وجود وزارة الثقافة نفسه، وطبيعة الدور الحقيقي الذي ينبغي ان تلعبه.
ويمكن الإشارة هنا في نفس الوقت لدور الناشطات المهاجرات الشابات وبينهن مثلا المدونة سماح صادق التي هاجرت إلى كندا لكنها كانت تمارس دورا يشبه وجودها في القاهرة.

ولا يقل الأمر في سوريا عنه في مصر أو تونس أو اليمن فهناك نماذج عدة من المدونات والناشطات والمثقفات المقيمات في سوريا والمغتربات أو المهاجرات اللائي كان لهن دور كبير في التعليق على الأحداث في سوريا، على الرغم من اختلاف الوضع في سوريا بسبب قبضة الأمن المتشددة وتردد الكثير من المثقفين في الدخول في معترك انتقاد النظام، لكن الشجاعة التي واجه بها المطالبون بالحرية آلة القمع العسكري والأمني الباطشة جعلت الكثير يغير من موقفه، وهناك العديد من المثقفات السوريات اللائي كتبن تعليقات ودعوات للتنديد بالعنف لدى جهات دولية، ودعم الثور ومحاولة نقل الوعي بما يحدث للكتلة الصامتة في سوريا ومن بين هؤلاء على سبيل المثال الكاتبات غالية قباني ومها حسن، مع عدد كبير آخر من المدونين والناشطين السياسيين والكتاب وغيرهم.

من بين المدونات السورية التي تهتم بالشأن السوري وتدعو للحرية مدونة طباشير التي توقع كاتبتها باسم "شيري"، http://www.freesham.com/،
ومدونة رزانيات  http://razanghazzawi.com/ التي تدون فيها بالإنجليزية رزان غزاوي، وهي مدونة معلوماتية وتحليلية تهتم بالشأن السوري والتعليق على الأحداث ووقائع الانتفاضة وردود الفعل الشعبية وسواها. كما ترصد مقالات الكتاب المهتمين بالشأن في سوريا مثل برهان غليون، وتبث أغنيات مع الثورة والحرية.
لكن الوضع الخاص بالتدوين في سوريا يظل صعبا ومعقدا ومختلفا عن غيره لأسباب عدة اهمها الحصار المعلوماتي للشبكة من قبل السلطات في سوريا، وقد نشرت مجلة الاداب البيروتية ملفا كاملا عن الانتفاضة في سوريا اخيرا، ومن بين الملف مقال مهم كتبته شيرين حايك وياسين السويحة عن التدوين في سوريا، ويمكن الاطلاع على المقال كاملا عبر هذا الرابط:

متى سيأتي عمر المختار لينقذنا؟
فيما يتعلق بليبيا فإن عدد المدونات نسبيا اقل من غيره، فهناك، حتى قبل الثورة ظاهرة كتبت عنها تقارير إخبارية عن إغلاق العديد من المدونات الخاصة بفتيات وسيدات ليبيات لأنها كانت تناقش المشاعر العاطفية والعلاقات بين الرجل والمرأة او المشاعر الحميمة، ويبدو، وفقا للتقرير، أن الضغط العائلي من قبل عائلات المدونات أدى إلى إغلاقهن  لتلك المدونات، وبينها مثلا مدونة "شهرزاد" ومدونة أخرى باسم شيما كالباسي، وسواهما، لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فبسبب الرقابة الشديدة من قبل نظام القذافي وخوفا من البطش فإن  عددا كبيرا من المدونات المتاحة الآن على الشبكة لمدونين ومدونات من ليبيا هي مدونات مغلقة على مجموعة خاصة من القراء، لا يمكن قراءتها بدون إذن المدون الذي انشأها ما يعكس الطابع الخاص لأجواء الإرهاب التي يعيشها الليبيون حتى اللحظة.
مع ذلك فهناك الكثير من المدونات المتاحة وخصوصا للمدونات الليبيات وبينها مثلا مدونة فيوليت ليبية التي تدون غالبا عن المشاعر والعلاقات الإنسانية وتعلق أيضا على الشأن العام في ليبيا، لكنها في وصف الأحداث الرهيبة التي تمر بها ليبيا تحكي أن محاولاتها لمنع ابنتها من مشاهدة التلفاز أو إثارة الأسئلة كانت شبه مستحيلة، وأنها شرحت لابنتها أن ما يحدث هو صراع بين مجموعة من الأخيار ومجموعة من الأشرار، فسالتها ابنتها :"ومتى سيأتي عمر المختار ليخلصنا؟".
هذه الجولة البانورامية في المشهد الافتراضي النسائي الثوري العربي، انتقائي، للتمثيل فقط، مع التأكيد ان كل اسم مما ذكر هنا يقابله مئات الأسماء الأخرى التي تعمل بجهد في سبيل الانتصار للحق والعدل والحرية، وتؤكد دور المرأة العربية الجوهري في صناعة وصياغة المستقبل، مما يؤكد أن دورها دور فعال، ويثبت عمليا أن النظرة الإقصائية والمتزمتة والذكورية المتعالية تجاه المرأة ضربا من ديكتاتورية المجتمعات العربية نفسها تجاه ذاتها، وفي مستقبل يدعو للعدل والمساواة يكاد يكون من المخجل فعلا أن يسهم الاعلام أو المدعين ممن يتمسحون بالدين وغيرهم من إعلاء النبرة الذكورية في فموضع مشاركة المرأة في المجتمع على حساب النبرة الإنسانية التي تسعى المجتمعات الحرة إليها.
 نشر في مجلة العربي في عدد أكتوبر 2011